فكرة الكتاب جاءت من: كيف نمتحن الطلاب في القواعد النظرية، ولا نمتحنهم في الأخلاق العملية ، حتى نقف على مبلغ حيازتهم للفضيلة واستعمالها ؟ إذ ليس الغرض الحقيقي هو العلم نظرياً بالقواعد، بل تطبيقها ورياضة النفس على حيازتها وشد العزم على ثبات المكارم والخير في النفس . ثم يتطرّق الكاتب إلى أساليب السلوك الحسن من خلال الأخلاق العملية ( لا النظرية فقط ) ، بأن يتعرّف الفرد على مواضع النقص في النفس ، وأن يعرف حسناتها فينميها وسيئاتها فيقلع عنها ، فمعرفة النفس مبدأ كل علم وفضيلة ومفتاح معرفة الله الحق المبين ؛ ولهذا يدعوك الدين وتدعوك الأخلاق والفلسفة إلى أن تعرف نفسك ، وكانت آية (سقراط) التي يتغنى بها على الدوام هي تلك الحكمة المنقوشة على واجهة هيكل (دلفى) “اعرف نفسك بنفسك” . ومن هنا قيل إنّه استنزل الفلسة من السماء إلى الأرض . أي أن سقراط أول من وجّه الفلاسفة إلى البحث فيما وراء الطبيعة إلى البحث في الإنسان . ليحاول الكاتب بعد ذلك أن يثبت أنّ (سقراط الفيلسوف) هو مؤسس علم الأخلاق.
ثم بعد ذلك يطرح ويوضح الطريق الذي رسمه الرازي للسير إلى الأخلاق الفاضلة، فللإنسان ناحيتان : ناحية جسمانية ، وأخرى معنوية . فالجسمانية هي الصورة المنظورة ، والمعنوية هي الصورة الباطنة التي بها يتشكل الجسم ويحيا ، أو هي النفس بما لها من أوصاف وخصائص . ولكل من هاتين الناحيتين – الجسمانية والمعنوية – دراسات تتصل بها . فعلماء الكيمياء الحيوية وعلماء الأعضاء يختصون بالبحث في تلك الناحية الجسمانية ، وعلماء النفس والمنطق والأخلاق وغيرهم يختصون بالبحث في الصورة المعنوية . وعلم الأخلاق – الذي بصدده الكاتب – يبحث في الإنسان من ناحية ما ينبغي أن يكون عليه ، ليقدم تعريفاً لعلم الأخلاق ، وموضوع علم الأخلاق ، وقواعد الأخلاق النظرية والعملية ، والتقسيم النظري والعملي لعلم الأخلاق .
