السؤال :
المسألة (1759) من (منهاج الصالحين) للمرجع الديني السيد كمال الحيدري (دام ظله) : (يحرُم وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين. وأمّا سائر الاستمتاعات كاللمس والتقبيل بشهوةٍ ونحوهما، فلا يحرُم شيءٌ منها)؟
الجواب :

يتساءل كثيرٌ من مقلّدينا عن رأينا في جواز الاستمتاع بالزوجة الصغيرة، ومدى عقلانيّة ومقبوليّة أن تكون الرضيعة أو الصغيرة موضع إثارة الرجل البالغ، ومحلاً للاستمتاع، كالتقبيل واللمس، والتفخيذ، الأمر الذي دفع البعض إلى تصنيف هذه الممارسات في دائرة الشذوذ الجنسي والتعذيب النفسي للطفلة الصغيرة، وهو بدوره يستدعي التأمّل في مقاربة مثل هذه الأحكام للمبادئ العامّة للإسلام من الرفق بالأطفال والرحمة بهم، وإبعادهم عن الأجواء الموبوءة بالإثارة والتردّي التربوي؟

وقد أجبنا بشكل واضح وشفّاف عن التساؤل المذكور بما يرفع الالتباس عن منطقيّة أحكام الشريعة ومدى رعايتها للجانب النفسي والتربوي لفئة الأطفال بما يحفظ ثوابت الشريعة ويبيّن مدى مسايرتها ومواكبتها لواقع الحياة ومتطلّباتها المعاصرة.

البلوغ على قسمين:

الأوّل: البلوغ الشرعي، الذي يكون قيداً في توجيه الأحكام الشرعية للمكلّف، ويتحقّق هذا النوع من البلوغ بالحيض، سواء كان في عمر التاسعة أو العاشرة أو الثالثة عشر، فيجب عليها في هذه المرحلة أداء العبادات من الصلاة والصوم وغيرهما من الأحكام كباقي المكلّفين، والقرآن الكريم لم يتعرض لسن البلوغ الشرعي وإنما تعرض إلى ذكر البلوغ التكويني وهو بلوغ الحلم والرشد، والروايات مختلفة في تحديد الفئة العمرية لسن البلوغ.

وأما في الرجل فالمعروف هو إكمال خمسة عشرة سنة قمرية، وإذا كان للبيئة دور في البلوغ قبل هذا العمر أو بعده فهو اختلاف يسير لا يلحظ عادة. نعم، تدرب البنت أو الذكر على العبادات قبل سن البلوغ.

الثاني: البلوغ الجنسي، والذي يبيح للرجل مقاربة زوجته فيه، أو ممارسة سائر الاستمتاعات المشروعة، ويتحقّق هذا النوع من البلوغ بالرشد والنضج الاجتماعي والقدرة على إدارة الحياة، وفي هذه المرحلة تشعر البنت من الناحية الفسيولوجية بقابليّة التناسل والتوليد، وهو أمر نسبيّ إذا ما قورن بالسنوات، ويختلف بحسب طبيعة المكلّف والمنطقة الجغرافية وحالة الطقس فيها.

ولا فرق في هذه المرحلة بين الاستمتاع بالزوجة، والدخول فيها.

ومنه يتّضح عدم جواز الاستمتاع فضلاً عن الدخول في مرحلة البلوغ الشرعي و قبل بلوغ البنت مرحلة البلوغ الجنسي والرشد الاجتماعي، وقابلية التوليد، وقد يجتمع البلوغان معاً وهو أمر نادر.

كما لا ينبغي إغفال تداعيات الاستمتاع في مرحلة البلوغ الشرعي من الآثار النفسيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة الخطيرة على الأطفال. وعليه نلفت عناية مقلّدينا إلى عدولنا عن رأينا السابق في المسالة (1759) من كتاب (منهاج الصالحين) إلى الرأي المذكور أعلاه.