إنَّ التعريف بالمناهج التفسيرية وضبطها وتقنينها ضرورة معرفية في عالم التفسير؛ حيث لم يعد دور العملية التفسيرية منحصراً ببيان المعاني اللغوية للاكتفاء بالمعاجم اللغوية، ولا بالدائرة المصداقية للتزوّد بالروايات؛ وإنّما أَخذت العملية التفسيرية مجالَها الطبيعيّ وأُفقَها المناسب لها؛ وذلك المجال والأُفق يكمنان في التعاطي مع الدائرة المفهومية؛ وهذا ما حدا بأعلام الفنّ والصنعة التعرّض إلى موضوعة مناهج التفسير.
ونظراً لكون موضوعة المناهج والتقنين فيها متأخِّرة كثيراً عن مجموعة العلوم المختلفة؛ فالعملية التفسيرية قد انطلقت دون أن تكون لها سابقة في بيان المناهج المعتمدة، وإنّما تولَّدت الحاجة للمناهج أوّلاً وبالذات، ومن ثمّ بيان حدودها وضوابطها ثانياً وبالعرض، نتيجة الحاجة التي فرضتها نفس العملية التفسيرية.
وبذلك تأتي هذه الدراسة المنهجية في هذا الكتاب الماثل، في مناهج التفسير متوافقة تماماً مع مبانيه المعرفية التي حرص فيها كثيراً على أن تكون ممنهجة؛ كما أنّها تُلبِّي حاجة حقيقية للمكتبة التفسيرية في رفدها بدراسة تخصّصية مختصرة ينتفع بها طلبتنا الأعزّاء في دراساتهم الحوزوية والأكاديمية.