لقد كان الحكيم والفيلسوف الإلهي (صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي) المعروف بصدر المتألّهين علماً من أعلام هذا الفنّ، وواحداً من أولئك العظماء والمتألّقين في سماء الفلسفة الإسلاميّة حيث قام ـ ونتيجة لنبوغه ـ ببناء وابتكار منظومة فلسفيّة جديدة ترتكز على أساس ما أسماه بـ(الحكمة المتعالية) وهي مدرسة فلسفيّة حديثة تؤمن بمنهج التوفيق بين مركّب العقل والنقل والشهود وقد استطاعت هذه المدرسة المبتكرة ـ كما سيأتي ـ أن تعالج أهمّ المسائل العقديّة والرؤى الكونيّة من خلال منهجها الخاصّ، وفي ضوء المباني والأسس التي اكتشفتها فأحدثت بذلك انقلاباً فكريّاً ومعرفيّاً في تاريخ الفلسفة والعلوم.
كان كتاب الأسفار ولا زال منذ تأليفه إلى يومنا الحاضر هو المصدر الأساس والمنهج الأوّل لتدريس الفلسفة في الحوزات العلميّة والمحافل الدينيّة، وقد كان سماحة المرجع الديني السيد كمال الحيدري من أبرز الأساتذة الذين تصدّوا لتدريس هذا الكتاب، ولا شكّ أن سماحته من جملة أولئك العلماء الذين وقفوا على حقائق هذا الكتاب واستطاعوا فكّ رموزه والوقوف على عمق ما جاء فيه من المطالب، وشعوراً منه ـ حفظه الله ـ بالمسؤوليّة قام بتدريس هذا الكتاب وبيان مطالبه لجمع من طلبة العلوم الدينيّة في قم المقدّسة.
كما أخذ سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ قيصر التميمي على عاتقه تقرير دروس سماحة المرجع في شرح الأسفار وتدوينها في كتابٍ ليكون في متناول القرّاء الذين لم يتيسّر لهم الحضور والمشاركة في الدرس.