يندرج هذا الكتاب ضمن ما أصبح يُعرّف، في الدراسات المعاصرة بـ: الإسلاميات التطبيقيّة، التي تهدف إلى أن تدرسَ التراثيّة عموماً، والنصوص المتعلّقة بالنصّ التأسيسيّ الأوّل على وجه الخصوص، دراسةً تسعى إلى أن تتّصف بالعمليّة القائمة على أهمّ ما توصلت إليه العلوم الحديثة من مناهج تنير البحث، وتقرّبه إلى معقولية تاريخية نسعى، من خلالها، إلى تعقّل علمٍ من علوم القرآن تعقّلاً قائماً على محاور ثلاثة أساسية هي : القراءات علماً من علوم القرآن من حيث تاريخيّة النشأة والتأسيس، ومن حيث تاريخيّة الاختلاف ذي التجلّيات المتعددة، ومن حيث انعكاس ذلك كلّه على علوم القرآن الأخرى والتشريع.
إن تجليةَ هذه المحاور على النحو المطلوب لَكفيلهٌ بمساعدة الباحث عن الحقيقة في تلمّس إجاباتٍ ممكنةٍ لأسئلةٍ بقيت حارقةً على مرّ قرون من الزمن تنتظر منه طرحها من جديد؛ إذا ليس من حقّنا أن نصادر أسئلته المشروعة من قبيل: ما الفرق بين القرآن والقراءات؟ كيف ننزّل تلك القراءات القرآنية في التاريخ؟ كيف نعيد تشكيل قراءة معاصرة للاختلاف فيها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي لا ندّعي امتلاك أجوبةٍ مقنعةٍ عنها.