يكتسب بحث (المعاطاة) أهمّيته وموقعيّته المتميّزة في البحوث الفقهيّة، لسبب علميّ وجيه، وهو أنّ أغلب المعاملات التجاريّة تمرّ من خلاله، لاسيّما ونحن نعلم بأنّ (المعاطاة) كمعاملة إجرائيّة لها سابقة كبيرة على جميع أبحاث الفقه في مجال المعاملات، بل يمكن القول أنّ بحث (المعاطاة) يشتمل على أساسيّات المنظومة الفقهيّة على مستوى المعاملات.
وقد تأكّدت هذه الأهميّة البالغة لبحث (المعاطاة) وتعمّقت من خلال مجموعة القواعد التي تمّ تنقيحها في هذه الدراسة التخصّصيّة، والتي يحتاجها الفقيه المستنبط للأحكام والمُستدلّ عليها والمُحقّق فيها في عموم أبواب التجارة العامّة، فضلاً عن تعزيزها للطريقة الفريدة التي تميّز بها البحث الفقهي عند الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (أعلى الله مقامه)، من قبيل تحرير محلّ النزاع، وبيان هويّة الموضوع ومحاوره وأدلّته، وتحرّي نقوضاته وإيراداته والجواب عن كلّ ذلك، مع زيادة في النظم والترتيب.
وكان للمقرر الشيخ نائل الحسيني، حضور متميّز في تجلية أبحاث هذه الدراسة الفقهيّة، تحقيقاً وتدقيقاً، فقد بذل جهوداً كبيرةً ومُعتبرة في تتبّع كلمات الأعلام وتحقيقها، حتى تكاد أن تكون موسوعة جامعة لأُمّهات المصادر الفقهيّة التي تناولت بحث (المعاطاة)، كما اتصف هذا البحث بالنظم بين البحوث والتنسيق بينها، فكان المقرر مستوعباً لها بدقّة عالية، واقفاً عليها بعمق ودراية واضحة، بحُسن بيان وجودة في العبارة ودقّة في التعبير.
