“الطريق إلى الله” أو كما سمّاه مؤلفه “رسالة في الأخلاق”، ومؤلفه (رحمه الله) يتمتع بمكانة علمية جليلة، فهو من العلماء الأعلام في المعرفة بالبحوث الأخلاقية.
في الكتاب أمثلة حية مستقاة من دعوة الله وحملة أنواره ، توضّح مسيرة السير إلى الله تعالى، ثم يوضّح الكتاب المُثل الأخلاقية العالية التي تُعلم الإنسان إنسانيته ومكانته البارزة في التعاليم الإسلامية الخيرة، ثم يوضّح – الكتاب – خصائص الدعوة إلى الله تعالى ، وأنّها ميسرة متسامية وواضحة تحدد للإنسانية أشواطها البعيدة، وتدعوها للإنطلاق في مجالاتها الطليقة المحببة ، وأنّها قوية تستمد وجودها وقوتها في الصمود – أمام التحديات – من الله سبحانه.
ومن خلال ذلك الاستعراض المقتضب تتبيّن أهميّة الأخلاق وضرورته ومقامه البارز في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وهو ما يمتاز به هذا الكتاب الذي يركز على ضرورة الأخلاق في تكوين الإنسان الفاضل، كالشجاعة بما تستلزم من إقدامٍ في الأمور، واستقامة على المبدأ، وجرأة على المصارحة، وصدق في اللقاء؛ ليؤكّد أنّ التشريع الإسلامي سواء كان في الاقتصاد أم في الاجتماع ومن بينه نظام الأسرة والأحوال الشخصية، والسياسة والعبادة ، وغير ذلك مما يحتاج إليه من التخطيط الذي يكفل سعادة الإنسان وكماله .. كل ذلك لا يتم إلاّ بالطريقة الأخلاقية التي تبناها الإسلام في تشريعه .
فالكتاب من الكتب الجليلة، بلغته البسيطة تطفح عليه نفس مؤلفه (رحمه الله) سماحة ولطف ، وهو لا يقل أهميّة عن كتابات العلامة النراقي في “جامع السعادات” ، وقد نبّه المؤلف إلى دقائق في الأخلاق لا يهتدي إليها إلاّ العلماء العاملون، أو على الأقل لا يستطيع عرضها وأداء الموضوع بالشكل المعروف في الكتاب ما لم يكن قد بلغ في الأخلاق مرحلة عالية تؤهله لأن يكون من الخواص ، والحق أنّه (رحمه الله) قد جمع فأوعى، فقدم رسالة في الأخلاق العالية تحتل الصدارة في هذا الفن بما تضمنته من محتوى جليل، وعرض رائع، ولغة سهلة ممتعة في الأخلاق العالية .