يدور في أذهان البعض أنّ المشروع الإصلاحي الذي دعونا إليه يؤدّي في نهاية المطاف إلى أن تكون الشريعة الخاتمة مرتبطة بزمان معيّن، وقد انتهى دورها وقدرتها على الاستجابة لمتطلّبات الحياة. إلّا أنّ هذا مجرّد وهمٍ لا أساس له، وإنّما الهدف الأساس من هذا المشروع هو عرْض الحقّ الذي نعتقده بثوب عصريّ لا يقتصر على تغيير اللغة والأسلوب، وإنّما يشتمل على قرينية الزمان في تحديد فهم النصّ الديني.
و قد اتّضح من مجموع أبحاث الحلقة الأولى أنّ الموروث الروائي مصاب بعاهات كثيرة، من الوضع والدس والتدليس، فجاءت الحلقة الثانية معالجةً لذلك الخلل الخطير من خلال عرض ميزان تصحيح هذا الموروث الروائي، وهذا الكتاب الماثل الذي هو الجزء الأهمّ المتعلّق بأصل التراث الروائي بشكل عامّ، وقد ناسب بعد ذلك أن يكون موضوع هذه الحلقة الثالثة يدور حول المعالجات العملانية؛ للخروج من تبعات التراث الروائي المودّي إلى العزلة والانغلاق والجمود، وهذه المعالجات تكمن في بيان مفاصل إصلاح الفكر الإنساني بشكل عامّ، وإصلاح الفكر الشيعي بشكل خاصّ.
إنّ هذه الدراسة العليا تشتمل على مباحث تتّصف بالعلمية والموضوعية والجرأة والشجاعة، قلّ نظريها في الدراسات العلمية الحوزوية، وليس هذا بالمستغرب على أطروحات السيّد الأستاذ دام ظلّه، حيث امتلأت مصنّفاته بكلّ ما هو جديد، على مستوى التأسيس والتأصيل، وعلى مستوى النقد والمعالجات، وعلى مستوى الشكل والعرض، وعلى مستوى الشجاعة والثقة.
يشتمل هذا الكتاب على تمهيد و فصول أربعة كالتالي:
تمهيد: بعض قوانين الفكر البشري.
الفصل الأول: أهمّ مفاصل إصلاح الفكر الشيعي.
الفصل الثاني: الإصلاح بين سلطة المال وسلفية الفكر الديني.
الفصل الثالث: المنهج الأخباري والتأسيس للسلفية الشيعية.
الفصل الرابع: مسائل في الصميم.