الغناء حرام سواء فعله أو استماعه، ويحرم التكسّب والتجارة به، والمراد منه هو: الألحان والأصوات التي يستعملها غالباً أهل الفسوق والفجور والتي توجب الخفّة والطيش وفقد التوازن العقلي، وإليه الإشارة في النصوص بلحون أهل الفسوق والكبائر. وأمّا ما لم يبلغ تلك المرتبة وإن أوجب سروراً وارتياحاً، أو جَلَبَ حزناً وبكاءً وموعظة وعبرة، فإنّه مستحسن سيّما في القرآن والدعاء والرثاء والمصائب ونحوها. وكلّ مقام بحسب ما يناسبه. وكذلك الموسيقى، فلا يجوز التكسّب والاستماع إليها إذا كانت مُعدّةً لمجالس اللهو والفجور، وأما غيرها كالموسيقى العسكرية أو السلام الوطني أو الموسيقى الكلاسيكية، فيجوز التكسّب بها والاستماع إليها.
يحرُم اللعب بالآلات المُعدّة للقمار عرفاً سواء كان اللعب برهن أو بدونه، ويحرم أخذ المال ولا يملكه الفائز، وأما اللعب بغير آلات القمار سواء المشتركة أو المختصة بغير القمار، فيجوز اللعب بها من دون رهن، ويحرم مع الرهن.
يجوز بيع المُصحف الشريف وشراؤه، وإن كان الأفضل والأولى إيقاع المعاملة على الغلاف مما هو خارج عن المُصحف، ويُبذل المُصحف تبعاً، أو يدفع المُصحف بعنوان الهبة المشروطة بعوض. نعم لا يجوز بيع المُصحف على الكافر إذا استلزم من بيعه هتك حرمته أو إهانته أو تنجسيه، وأما إذا لم يلزم ذلك فلا إشكال في بيعه، بل قد يكون راجحاً كما إذا كان البيع سبباً في هدايته والتأثر به.
توجد ثلاثة صور في المقام: الصورة الأولى: إذا كان شراء البطاقات لأجل الدخول في عملية الاقتراع بأمل الحصول على الجائزة المقرّرة، ليس إلّا، فالمعاملة صحيحة عندنا على الأقرب. وعلى فرض القول بعدم صحة المعاملة وحرمتها، فلو ارتكب حراماً واشترى البطاقات،فهل يملك الجائزة لو خرجت باسمه؟ والجواب: إذا كانت الشركة المصدّرة لتلك السندات تابعة لغير المسلمين، هنا يجوز أخذ تلك الجائزة وتملّكها والتصرّف فيها. وإذا كانت الشركة تابعة للحكومات الموجودة في المجتمع الإسلامي، هنا تعدّ الجائزة من الأموال المجهولة المالك، وجواز التصرّف فيها يتوقّف على إذن مرجع تقليد المكلّف. وإذا كانت الشركة أهلية، هنا يجوز التصرّف في الجائزة، مع إحراز رضا أصحاب تلك الأموال بذلك. الصورة الثانية: إذا كانت حقيقة الاقتراع عبارة عن: أنّ المشتري لهذه السندات يُملّك المال للجهة المصدرّة لها، لكن بشرط أن تقوم تلك الجهة بالاقتراع بين المشتركين وتمليك الجائزة لمن خرجت القرعة باسمه، بحيث يكون المال المبذول بإزاء البطاقة ملكاً لتلك الجهة بمجرّد دفعه، ويكون الاشتراك في الاقتراع شرطاً زائداً على التمليك، ففي هذه الصورة، تكون المعاملة صحيحة شرعاً. الصورة الثالثة: أن يكون إعطاء المال للجهة المصدِّرة لتلك السندات، بنحو الاشتراك في مشروع خيري، كبناء مدرسة أو مستوصف، دون شرط للاقتراع ولا بقصد الحصول على الجائزة، وإنما إعطاء الجائزة من الجهات المصدِّرة للسندات هو إحسان ابتداءً من دون إلزام منهم أو وعد أو شرط، فهنا يجوز أخذ الجائزة أيضاً.
إذا كان صاحب الطلب يعطيك على أتعابك أجرة، فلا يجوز لك وضع سعر فوق ما عيّنه من أجرة، إلا أن تخبره بالحال، وإذا كان رأس المال منه وكان شراءك له بمنزلة التوكيل من قبله في الشراء، فلا يجوز وضع سعر أكثر من الواقعي، نعم إذا كنت تخبره بأن السلعة الفلانية شراءها يتم عليك بالسعر الفلاني بغض النظر عن السعر السوقي، فلا إشكال في وضع السعر الذي ترغب فيه، وكذلك إذا كنت تشتري لنفسك ثم تبيع عليه بأكثر في معاملة أخرى بلا أن تلبّس عليه كأنك اشتريت له، فلا إشكال أيضاً.
يجوز تولّي الوظائف والمناصب المحرَّمة مع الإكراه عليها من الحكومة الظالمة، بحيث يوجب تركها الضرر البدني أو المالي أو انتهاك العرض، أو يتوعده الظالم بالإضرار بمن يكون الإضرار به إضرار عليه عرفاً. نعم يشترط في تحقق الإكراه عدم قدرة الإنسان على التخلّص من توعيد المُكِره، كما يشترط في جواز ارتكاب المحرمات في حال الإكراه أن لا يترتب عليه فساد الدِّين وكشف أسرار المؤمنين بما يؤدي إلى كسر شوكتهم، هذا إذا كان من حقوق الله. وأما إذا كان من حقوق الناس، فإن لزم من فعل الحرام إتلاف النفوس المحترمة، فلا يجوز ارتكابه مطلقاًَ ولو كان مكرَهاً على فعله، وإذا لم يستوجب فعل المحرّم إتلاف النفوس،فلابد من الموازنة بين الفعل الذي أُكره عليه وبين ما يجب عليه حفظه من نفسه وماله وعرضه، ويقدّم ما هو أكثر أهمية في نظر الشارع.
ما يصحّ هو العلاج بالآيات القرآنية والأدعية والأحراز الشرعية الثابتة عن أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، وكذا التداوي بالأعشاب،أما تسخير الجن، فلا بأس به ما لم يكن مضراً بالمؤمنين أو من يحرم الإضرار به، وأما السِّحر،فلا يجوز اتخاذه عملاً وتعليماً وتعلّماً وتكسّباً، سواء كان ذلك بكتابة أو تكلّم أو نفث أو عقد وأمثال ذلك، وسواء كان أثره في المسحور، عقلاً أو قلباً أو بدناً أو مالاً أو نوماً أو إغماءً، وكذلك حبّاً أو بغضاً ونحوهما، أو جمعاً بين اثنين أو تفريقاً وأمثالهما. نعم، يجوز حلّ السِّحر بالسِّحر إذا انحصر العلاج به، لكن بشرط أن يكون ذلك من أهل الاختصاص والمعرفة بمثل هذه المسائل، لا كلّ من يدّعي ذلك، وفي غير حالات الجواز لا يجوز دفع المال إليهم؟ ونصيحتنا عدم التعويل على مثل هذه المسائل والاتكال عليها والتي من شأنها أن تخلق مجتمعاً يؤمن بالخرافة ويجانب العلم والعلماء، وأمثال هذه العلاجات ترافقها في كثير من الأحيان سياقات تتهيأ الأجواء من خلالها لأمور محرّمة، خصوصاً وإن تكريس ثقافة هذه العلاجات عند الناس يساعد في الابتعاد عن العلاجات الطبيعية للأمراض الواضحة، الأمر الذي يساهم في تشييد أجواء الشعوذة والسِّحر والكهانة، والتي هي أمور رائجة في كثير من البلدان، والمفروض عدم الترويج لها وإيضاح حقيقتها لمن انخدع بها لئلا يغرَّر بالآخرين ويكونوا عرضة لمآرب أصحابها.
يحرُم إعطاء المال وأخذه من أجل إبطال الحق أو إحقاق الباطل، ومنه ما يبذل للقاضي ليحكم بالباطل ويطلق عليه الرشوة، حتى لو كان من أجل أن يعلّمه طريق المخاصمة ليغلب خصمه، نعم إذا توقف استنقاذ الحق على ذلك، جاز دفع المال وإن حرم أخذه على المرتشي.
كلّ ما كان مِن شأنه الضلال والإضلال ـ في أيّ بعد كان عقدياً أو أخلاقياً أو غيرهما؛ كتاباً كان أو صحيفة أو مجلّة أو وسائل إعلام أخرى ـ يحرُم طبعه ونشره وحفظه والدعاية له وسائر وجوه الترويج الأخرى. وكذا يحرم بيعه وشراؤه وحفظه وتعليمه ونسخه ومطالعته.
يجوز التكسّب بالأمور الراجحة التي لم يثبت وجوب إيقاعها مجّاناً، كقراءة المواعظ ومصائب أهل البيت (عليهم السلام) وبيان فضائلهم وغير ذلك. وإن كان الأولى والأفضل عدم المشارطة في ذلك، بل عدم أخذ المال بعنوان الأجرة، وإنّما بعنوان الهديّة ونحوها. ولا بأس بالنياحة وبالتكسّب بها، وإن كان الأولى عدم المشارطة في ذلك والرضا بما يدفع له. نعم، قد تحرم النياحة لاشتمالها على أمور محرّمة، كالنياحة بالكذب، أو بالمدح بصفات مذمومة شرعاً، ممّا يستلزم المدح بها الترويج للحرام والتشجيع عليه، وكذا إذا كان المرثيّ ممّن يلزم من مدحه ترويج الباطل وتقويته؛ لكونه مشهوراً بالضلال أو الفسق وانتهاك الحرمات ونحو ذلك.
إنّ الأعمال التي يقوم بها هؤلاء على نحوين:
الأوّل: فيما إذا كان أصل العمل مشروعاً في نفسه، كأن يكون مديراً لإدارة المصانع والدوائر الخدمية ونحوها، فلا إشكال في جواز تولّي مثل هذه المناصب والوظائف، بل قد يكون راجحاً إذا كان بقصد الإحسان إلى الناس ورفع احتياجاتهم المشروعة،بل قد يكون واجباً أحياناً كما لو توقف دفع الضرر عن المؤمنين بذلك.
الثاني: أن يكون العمل محرّماً في نفسه، كما لو كان يعمل في وظيفة تستلزم عمل المحرّمات الشرعية، ويُعين الظالم في ظلمه خارجاً، كما هو الحال في كثير من الوظائف الأمنية ونحوها، فهنا لا إشكال في حرمة تولّي مثل هذه المناصب والوظائف ـ سواء كانت كبيرة أو صغيرة.
يصحّ التعامل مع من يبتلي في أمواله بالحرام، كالمرابي والمقامر والسارق وبائع الخمر وغيرهم، كما يجوز الانتفاع بماله والتصرّف فيه بإذنه، كالدخول إلى بيته والأكل من طعامه، أو الركوب في سيّارته وغيرهما. ويجوز أيضاً أخذ المال منه وتملّكه بهبة أو معاوضة أو غيرهما، إلّا أن يُعلم بحرمة المال بعينه، فلا يجوز التصرّف فيه ولا أخذه إلّا بمراجعة مالكه الحقيقي أو وكيله أو وليّه.