النص القرآني نصٌ إلهي وحياني، واجتهاد العلماء في فهم النص الديني بالتدقيق والتأمل والاستنتاج وفق آليات العصر يعدّ اجتهاداً مشروعاً ما لم يكن مخالفاً لصريح الكتاب والسنة القطعية. نعم قد يكون النص صريحاً ولكن هناك شروطاً اجتماعية وثقافية أخذت قيداً فيه، وعادة مثل هذه الشروط والظروف التاريخية لا تذكر في لسان النص، ومن أهم وظائف المجتهد أن يقرأ شرائط وظروف الثقافة الاجتماعية الحاكمة في عصر صدور النص ليتم قراءة النص في ضوء تلك الظروف وتشخيص صلاحية الإطلاق في الحكم أو التقييد. وقد ثبت لنا من خلال معطيات التحقيق والمراجعة للنصوص إن الحكم المذكور في الآية ليس حكماً دينياً ثابتاً، وإنما هو حكم اجتماعي تابع لظروف تلك المجتمعات وحاكمية نمط خاص من الثقافة والعادات الاجتماعية، ومنسجم مع طبيعة المجتمع عصرئذٍ، حيث يتحمل الرجل كل نفقات المرأة تحت اقسى الظروف وليس للمرأة دور سوى داخل بيتها من تربية أولادها وإدارة بعض شؤونهم، فجاء حكم مضاعفة حصة الرجل على المرأة تعويضاً لما يبذله الرجل من أتعاب في تأمين الجانب الاقتصادي. ولا يمكن إجراء الاطلاق والشمول في مثل هذه الأحكام لزمان آخر ما لم تتحقق شرائط موضوع الحكم بذاتها. فإن لكل زمان فهمٌ للنص ينبع من محيط المجتهد الثقافي والاجتماعي والعلمي والأدوات المعرفية في عصره، ولا يمكن للفقيه أن يجرد ذهنه من التفاعل مع هذه الأدوات والمؤثرات الخارجية والداخلية في فهمه. مضافاً إلى أن اللغة وليدة المتغيرات الفكرية والثقافية عبر التاريخ، وهي مؤثرة في فهم النص الديني من زمان لآخر. إلا أن الإفتاء بتساوي الذكر والأنثى في الميراث يعتمد على نضوج المجتمع بحيث ينظر إلى المرأة على حد نظره للرجل في أغلب الحقول المعرفية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمعيشية، وهي غير متوفرة في أغلب مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، ويحتاج الإفتاء في ذلك إلى ملاحظة الدراسات الاجتماعية للمجتمعات ومعرفة مستوى تطورها ونموها الإنساني والمعرفي والثقافي والعلمي بحيث تتساوى فيه المرأة إلى جانب الرجل في عموم الحقول. وأما المسلمون القاطنون في بلاد الغرب، والذين يمنحون الإقامة أو الجنسية في البلد المقيمين فيه، فإنه يشترط عليهم قبل منحهم ذلك الالتزام بمقررات وقوانين البلد وعدم مخالفتها كشرط في منحهم الإقامة أو الجنسية، وقبولهم بمجمل القوانين بمنزلة الشرط الضمني بالتزامهم بهذه القوانين والمقررات، فهي ملزمة لهم ونافذة عليهم، لعموم قوله: {أوفوا بالعقود}، وقوله: {المؤمنون عند شروطهم}.
إذا كان استلام الراتب التقاعدي باستحقاق قانوني وشرعي كما لو كانت وريثته المنحصرة، فلا إشكال فيه.
زواج المتعة كالزواج العادي، غاية الأمر يُذكر فيه المهر والمدة، فان انتهت فلا حاجة إلى الطلاق. وتثبت للمولود كل أحكام المولود من الزواج حتى النسب والإرث.
إن كان للجد أولاد أو بنات غير ابنه المتوفى قبله، فلا يرث الحفيدُ الجد، أما إذا كان الحفيد هو الوحيد الموجود من أولاد أولاد المتوفى، فله الإرث.
دعواك في ملكية المال غير كافية، بل لابد من بيّنة شرعية، أو إقرار الورثة لك بذلك. وأما بدونه، فيحق لهم مطالبتك بحصصهم من المال وحسب التقسيم الشرعي، نعم إن أقروا لك بالملك،فلا يحق لهم الاستيلاء على المال أو المطالبة به.
إذا لم يكن الأب سفيهاً أو مجنوناً فلا ولاية لأحد عليه ، وتبقى أمواله تحت تصرّفه يفعل بها ما يشاء. وإن كان سفيهاً أو مجنوناً فالولاية عليه للحاكم الشرعي. فإذا عيّن الحاكم الشرعي ولياً عليه جاز لهذا الولي التصرّف بأمواله بما يعود عليه أي ـ الأب ـ بالمصلحة والنفع وعدم المفسدة. وأما المبلغ المذكور في الوصية فيخرج من أصل التركة بعد موته إذا كان بمقدار الثلث أو أقل ، وإذا كان زائداً عن الثلث فيجوز بموافقة الورثة.
الأموال والأعيان الموجودة عند الوفاة هي من التركة، وأما الحاصلة للميت بعد موته، فليست من التركة. نعم، لو كانت هناك دية للميت، كما لو قتل خطئاً، كانت الدية من التركة. وأما العقارات التجارية، فإما أن توزع حسب الحصص الشرعية في الارث، أو تبقى على حالها حسب اتفاق الورثة ويأخذ كل وريث من الأرباح والأجور حسب حصّته من الإرث حال الموت.
ترثُ الزوجة من زوجها من الممتلكات غير المنقولة كالأراضي والأشجار والزروع، أو الرباع ـ أرض السكن ـ قيمة البناء لا من البناء والأرض نفسها، فيقّيم البناء والأشجار والزروع وتأخذ حصتها الشرعية من القيمة. وأما الممتلكات المنقولة فهي ترث حصتها كباقي الورثة.
تقسيم المال من قبل صاحبه في حياته ليس إرثاً، فيحق لصاحب المال أن يعطي من شاء ويمنع من شاء من أمواله، نعم تستحب الهبة والعطية للأرحام لاسيما مع حاجتهم إلى ذلك وعدم التفريق بين الأولاد، وأما الإرث فيكون بعد الممات، ويكون تقسيمه وفق طبقات الإرث الشرعية ولا يحق لأحد أن يمنع الآخر من حقه؛ لأن انتقال المال من الميت إلى ورثته يكون قهرياً.
من موجبات الإرث هو إذا كان بين الميت والوارث نسب، فيكون الإرث حسب الطبقات التالية، والتي يراعى فيها الترتيب والتسلسل ،فمع وجود أحد الورثة من الطبقة الأولى ،فإنه يحجب الوارث من الطبقة الثانية والثالثة من الإرث، وهكذا في داخل الطبقة الواحدة، فمع وجود الإبن المباشر لا يرث إبن الإبن، ومع وجود الجد لا يرب أب الجد:
الطبقة الأولى: وفيها صنفان: أحدهما الوالدان اللصيقان وثانيهما الأولاد المباشرون الذكور منهم والإناث، وأبناؤهم الذكور والإناث ـ أحفاد الميّت ـ وإن نزلوا، ولكن يحجب الأقرب منهم للميّت الأبعد.
الطبقة الثانية: وفيها صنفان أيضاً: أحدهما الأجداد والجدّات وإن علوا، يعني آباء الأجداد وأجدادهم. غير أنّه يحجب الأقرب منهم الأبعد. وثانيهما الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا. وهم أولاد أبويه معاً، أو أولاد أبيه خاصّة، أو أولاد أمّه خاصّة، وأولاد إخوته المذكورين أو أخواته، وأولاد أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا، إذا اتّفق وجودهم.
الطبقة الثالثة: وفيها صنفان أيضاً: وهما الأعمام والأخوال وإن علوا، يعني أعمام الآباء والأمّهات وأخوالهم، وأعمام الأجدّاد والجدّات وأخوالهم. وكذلك أولاد الأعمام والأخوال وإن نزلوا، يعني أولاد الأولاد ومن بعدهم. وتنقسم هذه المرتبة كسابقتها إلى ما يكون من طرف الأبوين، وما يكون من طرف الأب، وما يكون من طرف الأمّ. وهذا يصدق على صنفي الأعمام والأخوال.
لابد من الرجوع إلى الجهة المانحة لهذه المبالغ، فإن كان هناك عنوان خاص أو طريقة معينة لتوزيعها، وجب الالتزام بها، وإلا قُسّمت حسب الحصص الشرعية في الإرث.
هناك ستة فروض معينة في كتاب الله تعالى كحصص للورثة:
الأول: النصف، وهو فرض البنت الواحدة، والأخت الواحدة للأبوين أو للأب، إذا لم يكن أخ. وفرض الزوج مع عدم الولد وإن نزل.
الثاني: الربع، وهو فرض الزوج مع الولد وإن نزل. وفرض الزوجة مع عدم الولد وإن نزل. فإن كانت الزوجة واحدة، اختصّت به. وإن تعدّدت، فهو لهنّ بالسويّة.
الثالث: الثُمن، وهو فرض الزوجة مع الولد وإن نزل. فإن كانت واحدة، اختصّت به. وإن تعدّدت، فهو لهنّ بالسويّة.
الرابع: الثلثان، وهو فرض البنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي، وفرض الأختين فصاعداً للأبوين، أو للأب فقط مع عدم الأخ.
الخامس: الثلث، وهو فرض الأمّ مع عدم الولد وإن نزل، وعدم الحاجب وهو وجود الأب والإخوة وفرض الأخ والأخت من الأمّ مع التعدّد، وهو المسمّى بكلالة الأمّ المتعدّدة.
السادس: السدس، وهو فرض كلّ من الأبوين مع الولد وإن نزل. وفرض الأمّ مع وجود الحاجب. وفرض كلالة الأمّ المنفردة، وهو الأخ الواحد أو الأخت الواحدة من طرف الأمّ.