يتوقف معرفة الأولى على تقديرات الفتاة لطبيعة حياتها وظروفها وشرائطها، فإذا كانت الفتاة متعلمة بمقدار ما يفي باستمرار الحياة الزوجية ومتطلباتها، وبناء أسرة وفق الضوابط الإسلامية، وكان مَن تقدم لها كفؤ لها، وقد أحرزت تديّنه وأخلاقه، وكانت الفتاة ممن وصل إلى مرحلة تستحق معها الزواج، فالزواج يكون أولى، بل ربما يكون متعيناً إذا خشي من دونه الوقوع في الحرام.
(بسم الله الرحمن الرحيم) الزواج المنقطع زواج شرعي ثابت بالكتاب والسنة، فأما الكتاب، فقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصَنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَمُصَافِحِينَمُنَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء/ 24). وقد أجمع المفسرون على أنها نزلت في تشريع زواج المتعة. وأما السنة، فروايات كثيرة، ومن طرق الفريقين، منها ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده، ومسلم في صحيحه: في حديث ابن الزبير قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول اللّه (ص) وأبي بكر حتى نهى عنه عمر. ونقل الرازي في تفسيره الكبير قول عمر: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة الحج ومتعة النساء. ونحن نعتقد من خلال قراءة مجموع الأدلة التي وردت في زواج المتعة أن الشروط الزمانية والمكانية والاجتماعية والثقافية كانت دخيلة في تشريعه، وإن الروايات التي حثت على التمتع جاءت لمعالجة بعض المشاكل الاجتماعية في زمانها، ولا يمكن تسويتها دون توفر نفس الشروط، لذا رأينا في الزواج المنقطع هو: لا ينبغي التمتع لمن كانت لديه شرائط الارتباط متوفرة بزوجته الدائمة. خصوصاً إذا كان التمتع يؤدي إلى إرباك وضع الأسرة. نعم، الظروف الطارئة كالسفر والمرض ووجود نسبة عالية من العوانس أو الأرامل والمطلقات أو أن نسبة النساء أكثر من نسبة الرجال بأضعاف وغيرها من الأسباب النوعية التي شرع من أجلها هذا الزواج. وللزواج المنقطع أحكام خاصة من قبيل: تحديد المهر والمدة، ولا طلاق فيه، ولا ميراث، ولا نفقة. ولا يصح التمتع بالمخالفة؛ لعدم صحة هذا الزواج عندهم، ولابد من صحة العقد من الطرفين. ويجوز الزواج الدائم منهم، ويجوز التمتع بالكافرة الكتابية. وينبغي أن تكون ممارسة الزواج المنقطع تحت إشراف الدولة لتفادي المشاكل الاجتماعية وامتهان النساء لهذا العمل من دون مراعاة العدة، ولتجنب الممارسات الخاطئة الخارجية التي تشوّه سمعة الدين وسمعة التشريع من خلال قرنه بمن تمتهن الزنا.
(بسم الله الرحمن الرحيم) إذا أُخذت البكارة أو السلامة شرطاً أو وصفاً في العقد، بحيث ابتنى عليها العقد ولولاها لما أقدم الشاب أو الفتاة على العقد والزواج، ثم تبين خلاف ذلك، ثبت له أو لها حق الفسخ.
ولو تزوجها باعتقاد أنها بكراً، ثم بانت ثيباً، لم يثبت حق الفسخ وله الإنقاص من المهر بمقدار التفاوت بين البكر والثيب، إلا أن يأخذ البكارة شرطاً في العقد أو يُبتنى العقد عليها العقد جرياً على المتعارف الذين يكون بمنزلة الشرط الضمني.
وكذا يثبت حق الفسخ للزوجة إذا كان هذه الشروط هي الملاك في الإقدام على الزواج، بحيث أخذت عدم الأمراض المزمنة أو عدم الإدمان على الكحوليات أو المخدرات كشروط أساسية يبتني عليها العقد، بحيث يعتبر وجوها ملاكاً للعزوف عن العقد والزواج، فيعتبر ذلك من التدليس، ويمكنها فسخ العقد، بل العقد باطل من الأساس؛ لأن ما وافقت عليه لم يتحقق وما تحقق لم توافق عليه.
وهكذا العقم في كل منهما إذا أخذ عدمه شرطاً أو وصفاً في العقد ثم تبين خلافه مع علم العقيم بذلك.
وعموماً إن الأمراض الخطيرة الشائعة كالعقم والسكر والصرع والسرطان والأمراض النفسية وأمراض الدم كالتلاسمي ومرض التهاب الكبد الفايروسي المزمن نوع ( b ) أو العقم أو البكارة، إذا تم إخفاءها مع ابتناء العقد على عدم وجودها في الرجل أو المرأة ، جرياً على ما تعارف عليه الناس من الرغبة في الزواج من سليم الأمراض وتوفر قابلية الإخصاب، بحيث لولا ذلك لأعرض كل منهما عن الزواج، ففي مثل هذه الموارد يثبت حق فسخ العقد، ولذا يجب إخبار الخاطب بمثل هذه الأمراض وكل ما يكون موضعاً بحسب المتعارف لرغبة الزواج أو العزوف عنه، وكذا يجب على الخاطب إخبار المرأة المخطوبة بكل ما يقع محلاً لرغبتها في الزواج أو الإعراض عنه لتفادي هذه المشاكل الاجتماعية والشرعية. وأما مع إخبار الآخر وعلمه، فلا يثبت حق فسخ العقد لأي منهما.
وعلى فرض ثبوت سبب فسخ العقد وموجبه في الزوجة، فلا يشترط في الفسخ ما يشترط في الطلاق، فتحصل البينونة بينهما من دون الحاجة إلى طلاق، ومع الدخول بالزوجة فلها المهر المسمى في العقد، ويرجع به الزوج على المدلس للعيوب وإن كانت هي نفسها المدلسة للعيوب، فلا مهر لها، وإن لم يدخل بها، فلا مهر لها.
يتساءل كثيرٌ من مقلّدينا عن رأينا في جواز الاستمتاع بالزوجة الصغيرة، ومدى عقلانيّة ومقبوليّة أن تكون الرضيعة أو الصغيرة موضع إثارة الرجل البالغ، ومحلاً للاستمتاع، كالتقبيل واللمس، والتفخيذ، الأمر الذي دفع البعض إلى تصنيف هذه الممارسات في دائرة الشذوذ الجنسي والتعذيب النفسي للطفلة الصغيرة، وهو بدوره يستدعي التأمّل في مقاربة مثل هذه الأحكام للمبادئ العامّة للإسلام من الرفق بالأطفال والرحمة بهم، وإبعادهم عن الأجواء الموبوءة بالإثارة والتردّي التربوي؟
وقد أجبنا بشكل واضح وشفّاف عن التساؤل المذكور بما يرفع الالتباس عن منطقيّة أحكام الشريعة ومدى رعايتها للجانب النفسي والتربوي لفئة الأطفال بما يحفظ ثوابت الشريعة ويبيّن مدى مسايرتها ومواكبتها لواقع الحياة ومتطلّباتها المعاصرة.
البلوغ على قسمين:
الأوّل: البلوغ الشرعي، الذي يكون قيداً في توجيه الأحكام الشرعية للمكلّف، ويتحقّق هذا النوع من البلوغ بالحيض، سواء كان في عمر التاسعة أو العاشرة أو الثالثة عشر، فيجب عليها في هذه المرحلة أداء العبادات من الصلاة والصوم وغيرهما من الأحكام كباقي المكلّفين، والقرآن الكريم لم يتعرض لسن البلوغ الشرعي وإنما تعرض إلى ذكر البلوغ التكويني وهو بلوغ الحلم والرشد، والروايات مختلفة في تحديد الفئة العمرية لسن البلوغ.
وأما في الرجل فالمعروف هو إكمال خمسة عشرة سنة قمرية، وإذا كان للبيئة دور في البلوغ قبل هذا العمر أو بعده فهو اختلاف يسير لا يلحظ عادة. نعم، تدرب البنت أو الذكر على العبادات قبل سن البلوغ.
الثاني: البلوغ الجنسي، والذي يبيح للرجل مقاربة زوجته فيه، أو ممارسة سائر الاستمتاعات المشروعة، ويتحقّق هذا النوع من البلوغ بالرشد والنضج الاجتماعي والقدرة على إدارة الحياة، وفي هذه المرحلة تشعر البنت من الناحية الفسيولوجية بقابليّة التناسل والتوليد، وهو أمر نسبيّ إذا ما قورن بالسنوات، ويختلف بحسب طبيعة المكلّف والمنطقة الجغرافية وحالة الطقس فيها.
ولا فرق في هذه المرحلة بين الاستمتاع بالزوجة، والدخول فيها.
ومنه يتّضح عدم جواز الاستمتاع فضلاً عن الدخول في مرحلة البلوغ الشرعي و قبل بلوغ البنت مرحلة البلوغ الجنسي والرشد الاجتماعي، وقابلية التوليد، وقد يجتمع البلوغان معاً وهو أمر نادر.
كما لا ينبغي إغفال تداعيات الاستمتاع في مرحلة البلوغ الشرعي من الآثار النفسيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة الخطيرة على الأطفال. وعليه نلفت عناية مقلّدينا إلى عدولنا عن رأينا السابق في المسالة (1759) من كتاب (منهاج الصالحين) إلى الرأي المذكور أعلاه.
الإجماع بذاته ليس دليلاً كاشفاً عن الحكم الشرعي، فهو حجة في أفضل أحواله إذا كان إجماعاً تعبدياً وهو غير محرز، فإجماع المتقدمين مجرد حالة وصفية لموقفهم في مسألة معينة مع اختلافهم في الدليل، وليس الإجماع نفسه دليلاً. ولا قيمة للإجماع إذا كان ناشئاً عن احتياط أو عن مستند ودليل، إذ الحجية للدليل لا للإجماع، وما يساق في الاستدلال على هذا الحكم هو الإجماع المدركي الذي يفتقد للقيمة العلمية. وغاية ما يمكن الاستدلال به على بطلان وحرمة نكاح المسلمة من الكافر الكتابي، قوله: {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا} البقرة :221. وقد وردت بعض الروايات في إثبات أن الآية من سورة البقرة منسوخة بقوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ..}. وسورة المائدة هي آخر السور نزولاً، وتوجد طائفة أخرى من الروايات تثبت أن آية المائدة منسوخة بآية البقرة. وعلى فرض التكافئ بين الطائفتين من الروايات وحصول التنافي والتعارض المستقر، فالمرجح في هذه الحالة هو العرض على كتاب الله تعالى، ومقتضى النظر في الآيات أنها ليست متنافية وإنما بينها إطلاق وتقييد، فالمستثنى من الآية في سورة البقرة ومن قوله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} الممتحنة: 11. خصوص زواج المسلم من نساء أهل الكتاب دون زواج المسلمة من الكافر. على أن استفادة جواز زواج المسلمة من الكافر الكتابي بتقييد الحرمة بالكافر الحربي مجال واسع، كما أن تقييد الآيات الناهية من الزواج بالكافر الكتابي بزمان معين دون استفادة الإطلاق منها ممكنٌ إذا توفرت شروط وظروف ذلك بحيث تنتج لنا هذه الظروف ضمان عدم تأثر المسلمة بعقيدة الكافر الكتابي ودينه، ما يعني أن الحكم مقيد بقيود لُبيّة وهي الظروف الثقافية والفكرية والدينية المانعة من جواز زواج المسلمة من الكافر الكتابي، وذلك لضعف ثقافة المرأة المسلمة في تلك العصور وعدم معرفتها وإحاطتها بأمور دينها فمن المحتمل أن تقع تحت تأثير ثقافة زوجها الكافر، خصوصاً إذا لاحظنا أن أهل الكتاب كانوا يشكلون المرجعية الفكرية للمسلمين أيضاً وكان النبي يخشى من تأثر المسلمين بثقافة الكفار لذا وضع حواجز نفسية من خلال بعض الأحكام الولائية لمنع الاختلاط بهم لتفادي مشكلة التأثير، ومع انتفاء هذه الشرائط والحالات وتمكّن الإسلام في قلوب المسلمين وصلابة عقيدتهم وفتح قنوات في مواقع التواصل وغيرها للمناظرة والمحاورة من النساء والرجال في عقيدة الآخر ودينه، يمكن القول بصحة الزواج مع ضمان عدم التأثر وحفظ هذه الخصوصية. ولكن الإفتاء بشكل عام لا يخلو من ترتب بعض المفاسد على ذلك، وربما تتذرع المرأة المسلمة بقوة إيمانها وصلابة عقيدتها وحاكمية التعايش وهي لا تفقه أبسط أمور دينها، فتقع في شراك تسويلات الشيطان ومتاهات النفس الأمارة بالسوء والرغبات والشهوات والتسامح في مراعاة الشروط بحكم الاختلاط وإقامة العلاقات الاجتماعية، لذا نفتي بعدم صحة زواج المسلمة من الكتابي ابتداءً وحدوثاً على الأحوط وجوباً. ولكن نصحح هذه العلاقة الزوجية بقاءً واستمراراً فيما لو كانت حياتهما مستقرة من جميع النواحي ولا تعاني المسلمة اضطهاداً فكرياً أو عقدياً.
يختلف وجوب العدّة في الطلاق باختلاف الموارد، ففي الطلاق البائن، المستظهر لدينا من مجموع الأدلة أن وجوب العدّة لأجل الاستبراء والاستبيان من نقاء الرحم وخلّوه من الحمل، ولذا قلنا: عدم لزوم العدة في الطلاق البائن مطلقاً؛ لإمكانية إحراز الاستبراء والاستبيان من خلال الفحوصات الطبية المتقدمة من السونار وغيره من الأشعات والتحاليل التي توجب الاطمئنان بخلو الرحم ونقاءه. وأما العدة في الطلاق الرجعي، فالمستظهر لدينا من أدلتها ليس الاستبراء والاستبيان، ذلك أن المطلقة رجعياً بحكم الزوجة، وإنما أوجب الشارع العدّة لمنح فرصة للزوجين لاحتمالية إعادة العلاقة بينهما وترميمها، قال تعالى: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} الطلاق :1. فقد يتساءل البعض عن الحكمة التي تقف وراء إبقاء المطلقة رجعياً في بيت زوجها، ولا يسمح لها بالخروج من البيت إلا بإذنه، مع جواز التجمّل والتزيّن له؟ أليس من الغريب بعد أن توصل الزوجان في علاقتهما الزوجية إلى طريق شبه مسدود أن لا يأمرها القرآن بالانتقال إلى مكان آخر ومفارقة زوجها كالمطلقة بائناً، خصوصاً أن التوجه العرفي يقتضي ذلك أيضاً؟ والجواب يأتيك من القرآن الكريم نفسه، فقد أعرب القرآن عن اهتمامه وحرصه بحفظ كيان الأسرة ولمّ شملها ورأب الصدع بين أفرادها، وشدد النكير بحق من يتسامح ويتساهل في هدم الأسرة، ولا يتوقف الشارع في المسارعة إلى ترميم العلاقة بين الزوجين، فيضع من القيود ما يكاد تكون انفصال العلقة الزوجية مستحيلاً أو تعجيزياً، بينما يقف متساهلاً في وضع الشروط إذا كان الأمر مرتبطاً ببناء وتكوين الأسرة، فلا يشترط أكثر من حصول التراضي بين الزوجين وإجراء الصيغة مع تحديد المهر، دون اعتبار الإشهاد والإشهار وسائر الشرائط المعتبرة في الطلاق؛ لأن عملية الطلاق عملية تهدف إلى هدم الأسرة، وعملية الزواج عملية تهدف إلى بناء مجتمع صالح، وكل ما كان من شأنه هدم الأسرة يقف القرآن معترضاً للحؤول دون وقوعه. ومن هنا يمكن استيحاء الملاك من إبقاء الزوجة في بيت زوجها في الطلاق الرجعي والتزامها بالعدة من خلال الآية القرآنية: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}. الطلاق :1. فإن بقاء الزوجة في البيت متجمّلة لزوجها مدّة العدّة، قد يُذيب الخلاف بمرور الأيام، فتهدأ النفوس بعد غليانها، ويتناسى الخلاف بعد حلول السكون، وتتلاشى الانفعالات المتباينة، وتتناهى الساعات الشيطانية التي أدت إلى نشوب الخلاف وسوء التفاهم، فيأخذ العقل دوره لإعادة النظر في أسباب الخلاف، وما يؤول إليه مستقبل الأسرة والأولاد والمنزلق الخطير الذي وضعا فيه الزوجين أفراد الأسرة من الناحية التربوية والأخلاقية والاجتماعية والعاطفية، فتبدأ عملية ترميم الأخطاء الماضية في ظل البقاء في بيت تلوح فيه ذكريات طيبة، فيشعر الزوجان أن الخلاف لم يبلغ أوجه، ولا زال هناك متسع من الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، من خلال تجميد عملية الطلاق وتفعيل الحياة الزوجية السابقة خصوصاً في أجواء ابتعدت عن وضع العثرات والعقبات أمام إعادة الحياة الزوجية. مضافاً إلى أن اقتراب الأجساد يفسح المجال أمام أجواء عاطفية، لتطبيع العلاقات الودية، وهو الأمر الآخر الذي يسهم في إثارة الرغبة عند الرجل في مراجعة زوجته قولاً وعملاً، فينتهي الأمر إلى الوفاق بينهما. وهذا يكشف عن وجود تناغم بين الأحكام الشرعية والفطرة البشرية، وأنها جاءت منسجمة مع خبايا النفس الإنسانية وكوامن التأثير فيه. ويدعم هذا الاستيحاء طبيعة الفطرة البشرية والدوافع الغريزية التي جبل عليها الإنسان تجاه الجنس الآخر.
ورد في الروايات أنه يجوز أن تختص الزوجة الجديدة البكر بسبعة ليالي، وأما إذا كانت ثيّباً فإنها تختص بثلاثة.
لقد أحلّ الله تعالى الزواج بأكثر من واحدة، وقد اشترط تحقق العدالة في ذلك، لكن غياب العدالة في حال تعدد الزوجات ثابت واقعاً في أغلب الحالات، فمن الصعب المساواة بين الزوجات سواء في النفقة أو في المعاشرة فضلاً عن المساواة في الميل والرغبة، ونرى القرآن الكريم يحذر من الزواج الثاني إذا أفضى إلى غياب العدالة، قال تعالى:ٌ{ وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة }. وقد يخلق الزواج الثاني شكلاً من أشكال التعذيب النفسي للزوجة الأولى مما قد يؤثر على الحياة الزوجية وعلى الأطفال وتربيتهم. وبناء على ذلك، فمع توفر شرائط الارتباط بالزوجة الأولى وعدم وجود مبرر للزواج الثاني سوى الميولات الشهوانية فلا ينبغي الزواج بالثانية، خصوصاً إذا أدّى إلى تصدّع كيان الأسرة وتفككها. نعم هناك استثناءات كحاجة الرجل إلى زوجة في السفر، أو كثرة النساء في بعض البلدان مما يسمح له في مثل هذه الحالات بالزواج بالثانية، إذا لم يؤدي إلى حدوث المشاكل بين أفراد الأسرة وإرباكها.
الزنا بذات البعل ينشر الحرمة الأبدية بين المرأة والزاني على الأحوط وجوباً، بشرط علمهما معاً حكماً وموضوعاً بالزنا، بمعنى كانا يعلمان أنّ ما يقومان به هو زنا، ويعلمان أيضاً حرمة الزنا بذات البعل، فإذا تحقق هذا الشرط حرمت مؤبداً على الزاني على الأحوط وجوباً، ويمكنهما الرجوع في خصوص هذه المسالة إلى من يجيز الزواج بينهما. وأما مع جهلهما بالموضوع والحكم معاً أو بأحدهما، فلا تحرُم عليه.
عقد النكاح صحيح فيما لو كانت الصيغة قد وقعت بلفظ النكاح أو الزواج وكانت شروط العقد قد تحققت مثل الموالاة العرفية، والأفضل احتياطاً إعادة صيغة الإيجاب والقبول مرة أخرى بين الرجل والمرأة خارج إطار المحكمة.
لا يجوز إتيان المرأة من الدُّبر على الأحوط وجوباً.
قد وردت عندنا روايات كثيرة ـ وفيها ما هو الصحيح ـ تدلّ على استحباب الزواج المنقطع، ومعنى استحبابه بنفسه: إن فاعله من الجنسين يكون مثاباً عند الله تعالى، وهذا الاستحباب بعد ملاحظة البُعد التاريخي والاجتماعي لتلك الروايات قد يكون على أساس إحياء هذه السنة التي تفضي إلى انحسار حالات الزنا في المجتمع الإسلامي.